مع انتشار وتفشي الوباء في العالم أجمع، باتت جميع حكومات العالم تعاني من
ظاهرة التضخم التي لا يكمن الهروب منها، ووضعت جميع البلدان على مسار واحد بغض النظر
عن سياساتهم وذلك بسبب العولمة والترابط الاقتصادي، وأما تركيا فقد برزت بسياستها وخصوصا السياسة النقدية التي تحدت جميع القوانين الاقتصادية المتفق عليها.
وجاء في تقرير نشره موقع مودرن
دبلوماسي الأمريكي، بأن المقارنة بين الاقتصاد التركي واقتصادات دول اوروبا تبين
التحدي التي تقوم به الحكومة التركية للديناميكيات الاقليمية والتي ما زالت مستمرة
به حتى الآن في ظل الجائحة، حيث حقق الاقتصاد التركي في الربع الأول من هذا العام
نموا بنسبة 7% بالمقارنة مع الربع نفسه من العام الفائت.
استطاعت تركيا هي وعدد
قليل من الاقتصاديات الاوروبية من التصدي للأثر المدمر للجائحة، حيث شهد الاقتصاد عام
2020 نموا بنسبة 1.8% عن عام 2019 .
وصرح الرئيس التركي
رجب طيب اردوغان عن تفاؤله بأداء الاقتصاد التركي، وقال بأن النمو سيفوق الأرقام
المسجلة في الربع الأول من العام، ولكنه لم يتكلم عن التهديد المتزايد للتضخم،
وبحسب التقرير وضع الاقتصاد التركي حدا لمعدل التضخم السنوي، وقد بلغ هذا الحد 5%،
ولكنه بعيد جدا عن احتواء اسعار اليوم.
كما جاء في التقرير،
أن نركيا قريبة من أن تشهد تضخما جامحا على اثر ارتفاع اسعار السلع الأساسية مع
انفاتح الاقتصاد، وللعلم أفاد البنك المركزي التركي بأن معدل التضضخم في شهر يوليو
قد قارب 18.5%.
صحيح أنه يمكن ان تكون
قيود العرض هي السبب وراء ضغوط التضم عالميا، ولكن يمكن أن يكون هناك سبب آخر
وبالأخص في حالة تركيا، وهذا العامل الاخر هو الانخفاض الكبير في قيمة الليرة
التركية وهذا ما أدى الى ارتفاع تكاليف الاستيراد وعدم الاستطاعة على تحمل تكاليفها.
كما ان انخفاض قيمة
الليرة التركية كان أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الأسعار، حيث أدى انخفاض قيمة
الليرة الى زيادة نسبة العجز التجاري بنسبة 51.3% في يوليو، أي ما يعادل تقريبا
4.275 مليار دولار، وهذا رغم ارتفاع نسبة
الصادرات لتصل الى 10.2%، كما زادت الواردات بنسبة 16.8% بالمقارنة مع نفس الشهر
عام 2020.
وأضاف كاتب التقرير قائلا:
"من الواضح أن السياسة النقدية المتشددة والصادرات المتزايدة عاجزة على
التصدي لتأثير الواردات التي تدفع معدلات التضخم بشكل هائل، وبدوره يؤدي تراجع
قيمة الليرة إلى تفاقم العجز".
ولايقاف الارتفاع المتسارع
في الأسعار وللاحتفاظ بالقوة الشرائية للمدخرين والمستثمرين تعهد البنك المركزي أن
يثبت سعر الفائدة عند أعلى مستوياته والتي بلغت 19% فوق معدل التضخم.
وأضاف التقرير بأن
الاقتصاد التركي حاليا يشهد فترة نمو كبيرة، على الرغم من أن معدل التضخم قد ارتفع
كثيرا عن المعتاد، الا أن معدل البطالة قد تقلص بنسبة 2.5%، بهذا الشكل يمكن تفهم
الرغبة في زيادة النمو أكثر فأكثر.
وحسب ما ذكر الكاتب فان
الاقتصاد التركي يمر بفترة نمو مفرط، بحيث من المتوقع أن مع انتهاء العام الحالي سيتوسع
الاقتصاد التركي بنسبة 10%، وهذا في حال لم يطرأ أي عمليات اغلاق.
كما يتوقع البنك
المركزي أن ينخفض معدل التضخم مع انتهاء عام 2021 الى 14%، على عكس الخبراء الاقتصاديين
الذين يعتقدون بأنه سيثبت على 18%.
وحسب رأي الكاتب في
حال استجاب صانعوا القرار في البنك المركزي لضغوطات الرئيس أردوغان لتخفيض أسعار
الفائدة، فحينها ستقع البلاد في أزمة عملة أخرى، وستشد البلاد فترة من عدم الاستقرار
الاقتصادي لفترة طويلة.